الجمعة، 21 ديسمبر 2018

نظم مكتبات

 نظام إدارة المكتبات ومراكز المعلومات LibSys.NET     ( 1 )
يُعتبر النظام والذي تم تطويره بالكامل بقدرات عربية تمتلك خبرات متقدمة في مجال إدارة المكتبات ومصادر المعلومات والنشر الإلكتروني، الوحيد على المستوى العربي المُنافس للأنظمة العالمية المُترجمة من حيث توافقه مع المواصفات العالمية منها صيغة مارك العالمية للفهرسة (MARC 21) والبروتوكول العالمي للاتصال والبحث Z39.50 مع مراعاة احتياجات المستخدم في المنطقة العربية، وكذلك فإنه منافس من حيث الجودة والسعر وسهولة الإستخدام.
 

 وهو نظام عربي متكامل (Integrated System) قامت بتصميمه وتطويره شركة نورسوفت-فلسطين ليقوم بجميع العمليات الفنية والإدارية اللازمة ليوافي إحتياجات المكتبات ومراكز المعلومات والأرشيف للمؤسسات الوطنية، والعامة، والأكاديمية، والمتخصصة، سواء كانت صغيرة منفردة أو كبيرة ذات فروع متعددة أو مجموعة من المكتبات/مراكز المعلومات.
يُمثل النظام حزمة من الأنظمة المتكاملة لإستخدامها في المكتبات ومراكز المعلومات ومراكز الأرشيف والتوثيق بحيث يوفر تطبيقات آلية متنوعة من التزويد والفهرسة والتصنيف والإعارة والخدمات المرجعية وضبط الدوريات والتكشيف.
مجال عمل النظام يشمل كذلك إدارة تقنيات المكتبة الإلكترونية وإدارة الأرشيف( الدوريات، الأرشيف الصحفي.


وقد  تم تركيب النظام في أكثر من 110 مؤسسة معلوماتية، منها مكتبة كلية الملك فهد الأمنية-الرياض، مكتبة المعهد العربي لإنماء المدن-الرياض، مكتبة ديوان المراقبة العامة-الرياض، مكتبات جامعة صنعاء-اليمن، مكتبة جامعة بيت لحم، الخليل، بوليتكنيك فلسطين ومكتبات البلديات العامة في فلسطين(رام الله، الخليل، البيرة، سلفيت، طولكرم، قلقيلية،..وغيرها). وقد تم إعتماده من قبل هيئات متخصصة مثل جمعية المكتبات الأردنية وجمعية المكتبات الفلسطينية. كما تم تقييمه من قبل متخصصين في علم المكتبات والمعلومات في الجامعات والمؤسسات السعودية.



المواصفات والخدمات :

- نظام آلي متكامل (ثنائي اللغة) متخصص لإدارة المكتبات ومصادر المعلومات ليوافي احتياجات المكتبات العربية بمواصفات عالمية. ويشمل مجال عمل النظام كذلك تقنيات المكتبة الرقمية ( الكتاب الإلكتروني، الدوريات، الأرشيف الصحفي، المحتويات،..الخ ) .

- يُمثل النظام حزمة من الأنظمة المتكاملة لاستخدامها في المكتبات ومصادر المعلومات ومراكز التوثيق بحيث يوفر تطبيقات آلية متنوعة من التزويد والفهرسة والتصنيف وضبط الإستناد والإعارة والحجز والطلبات من خلال الإنترنت والخدمات المرجعية وضبط الدوريات والتكشيف بما فيها تقنيات المكتبة الرقمية وإدارة المحتويات من خلال شبكة الإنترنت/الإنترانت.

- بالإضافة الى أوعية المكتبات التقليدية فإن النظام يستوعب كافة مقتنيات المكتبة الأخرى من كتب ودوريات وبحوث ودراسات ووثائق ومخطوطات وتسجيلات صوتية ومرئية على نفس قاعدة البيانات المكتبة، بحيث يُمكن الإنتقال الى مفهوم مراكز مصادر المعلومات بما فيها المكتبة بكافة انواعها واشكالها ضمن قاعدة بيانات مركزية، على أن يتم فهرستها وتصنيفها وتكشيفها وإستقبال الملفات الإلكترونية لها من خلال عمليات المسح الضوئي عن طريق إعتماد آليات وسياسات عمل موحدة، مما يُمكن الباحثين والدراسين من البحث والإستعلام عنها ضمن موقع إلكتروني تفاعلى واحد من خلال شبكة الإنترنت أو الإنترانت والحصول عليها بالصيغة الإلكترونية والنص الكامل.

- النظام يدعم عمل المكتبات ومراكز المعلومات ذات الفروع المتعددة ضمن قاعدة بيانات مركزية مهما كان البُعد الجغرافي لها، ومنها المكتبات الجامعية، المكتبات المتخصصة، مراكز المعلومات والتوثيق، مراكز الدراسات والبحوث، مراكز المخطوطات، المجلات الإلكترونية، المؤسسات القانونية والتشريعية، المؤسسات الثقافية والإحصائية، المؤسسات الصحفية ودور النشر وغيرها.

- موافقته مع المواصفات العالمية منها تركيبة مارك وكذك بروتوكول Z39.5 وتقنيات Path profile, Bib-1 وتقنيات الربط الشبكي TCP/IP وتقنيات المكتبة الإفتراضية والرقمية.

- صدرت النسخة الأولى من النظام عام 1992، وفي سنة 2003 تم إصدار النسخة الثالثة وهي LibSys.NET كمنافس رئيسي للأنظمة العالمية المترجمة التي انتشرت في السنوات العشر الماضية، حيث أنه يستوعب عدد غير محدد من التسجيلات الببليوغرافية.

- توفر تقنيات المكتبة الرقمية من خلال إستقبال ملفات (PDF) والبحث بداخلها، بحيث يتم كذلك فهرسة وتحليل لمحتويات الأشرطة السمعية والبصرية وتحديد مؤشر مكان التسجيل بالوقت الزمني بحيث يُسهّل الوصول إليها بسهولة وسرعة، بالإضافة إلى فهرسة وتحليل محتويات النشرات والكتب والدوريات والمخطوطات إلكترونياُ بالكامل والوصول إليها من خلال موقع إلكتروني تفاعلي على شبكة الإنترنت أو الإنترانت

- وجود فريق فني متخصص مكون من فنيين متخصصين في متابعة عمل النظام وتقديم الدعم الفني وهم يحملون شهادات متقدمة وخبرات طويلة في علم المعلومات والمكتبات، بالإضافة الى فريق من المبرمجين المحترفين بعمل تطوير دائم في محتويات ووظائف النظام على أساس المواصفات العالمية المتقدمة بحيث يقوم هذا الفريق بعمليات التطوير التي يطلبها الزبون في وقت قياسي وذلك بتوفر الكود المصدري(Source Code)

خصائص النظام
أولاً : توافقه مع المعايير والمواصفات العالمية
  • دعم صيغة مارك العالمية (MARC 21) بما فيها عملية الفهرسة باللغتين العربية والإنجليزية وإستيراد وتصدير التسجيلات.


    النظام مرتبط مع المكنز العربي الموسع
  • استخدام أنظمة "الباركود" والقارئ الضوئي
ثانياً : توافقه مع التقنيات الحديثة والإنترنت وشبكات المعلومات



ثالثاً : إهتمامه باللغة العربية
رابعاً : إمكانيات متقدمة في البحث وخدمات المستفيدين
خامساُ : التعامل مع الأرشيفات
سادسا : قاعدة بيانات مركزية

وحدة البحث المباشر في الفهرس العام والمحتويات (OPAC) من خلال شبكة الإنترنت/الإنترانت

توفر هذه الوحدة خدمات البحث والمتابعة للمشتركين والمستفيدين من خلال متصفح يعمل في بيئة الإنترنت/الإنترانت متوافق مع متصفح مايكروسوفت اكسبلورير، بوجود أدوات بحث سهلة تتماشى مع مستويات المستفيدين، ومن ميزاتها :-
  • تحديد نطاق البحث في مؤسسة أو مكتبة معينة(قاعدة بيانات) أو في كل قواعد البيانات


    البحث في حقول متعددة (المؤلف، العنوان، الموضوع، الرقم الدولي، رقم الصنف، الكلمات المفتاحية، ..الخ)


    تضييق نطاق البحث بإستخدام المتطابقات وهي مطابقة أي كلمة، مطابقة جميع الكلمات، مطابقة جملة أو عبارة(مطابق تماما)


    إستخدام البتر في البحث


    حل المشاكل اللغوية عن طريق التخلص أدوات التعريف وكلمات الوقف، وحل مشاكل الأحرف المتشابهة وهي (أ، إ، آ، ا) وكذلك (ؤ، ء، ئ) و (ـة، ـه) في عملية البحث


    البحث البوليني المتقدم حيث يستخدم العلاقاتالبولينية النحوية )و، أو، ليس(


    البحث في محتويات الوثائق من فصول، مقالات، أرشيف صحفي، أرشيف وثائق، .الى غير ذلك من أوعية المعلومات


    إمكانية القيام بعملية الحجز وتجديد الإعارة ذاتيا من قبل المشتركين والاعضاء. وكذلك تحديد شكل قوائم مخرجات البحث وتشكيلها حسب الرغبة.


    إمكانية دخول الإعضاء الى ملفاتهم الأساسية والإطلاع على البيانات المصدرة اليهم. مع إمكانية تجميع نتائج البحث في سلة وطباعتها او إرسالها عبر البريد الإلكتروني.


    إمكانية إستعراض الوثائق الأصلية المخزنة، وإمكانية الإطلاع على خصائص التسجيلات والنُسخ التابعة لها من حيث الإتاحة والإعارة وموقعها.


    الحصول على قوائم ببليوغرافية حسب الفئة الموضوعية الرئيسية والتي تم تزويدها بالنظام وتشمل على 18 تصنيف موضوعي رئيسي حسب معيار مكتبة الكونغرس، وكل تصنيف موضوعي رئيسي يحتوي على العديد من الفئات الموضوعية الفرعية.


    إستعراض التسجيلات والعناوين التي وصلت حديثا.


    إستقبال مقترحات وتوصيات الباحثين.
  • إمكانية الربط مع مكتبات عالمية تحددها إدارة المكتبة. 



    نظام "سيمفوني symphony " المتكامل للمكتبات

     ( 2 )


    في يونيو 2007 أعلنت شركة سيرسي داينكس "SirsiDynix" اسم النظام المتكامل لإدارة المكتبات،وذلك في أثناء انعقاد مؤتمر جمعية المكتبات الأمريكية (ALA) في واشنطن؛ حيث اختارت الشركة اسم سيمفوني " Symphony " هذا النظام هو نتاج " مشروع روما" الذي يتضمن أفضل المميزات المتوفرة في نظامي يونيكورن والأفق ،بالإضافة إلى عدد كبير من الخصائص والإمكانات والخدمات والوظائف الجديدة، وهو إصدار مناسب للمكتبات التي تستخدم أياً من النظامين حالياً.إمكانات الـنـظـام :1- دعم اللغة العربية دعماً شاملاً في عناصر استخدامها، ومستوياته المختلفة في واجهات التعامل، وإمكانات البحث والعرض، والفرز....وغيره الكثير وصولاً إلى دعم تشكيل الحروف العربية دون التأثير على البحث.
    2- الجمع بين إمكانات نظم إدارة قواعد البيانات العلائقية RDBMS ، ونظم استرجاع النصوص Text Retrieval Systems؛ حيث يجمع النظام مزاياهم معاً لتحقيق كفاءة الأداء.
    3- التوافق مع المعايير الدولية في مجال المكتبات ونظم استرجاع المعلومات, وقواعد البيانات الببليوجرافية ( مثل شكل مارك 21، ANSI المكانز، وX12 للتزويد، وZ39.50 لتبادل البيانات ).
    4- إمكانية إدارة نظام متعدد المكتبات أو مكتبة متعددة الفروع بحالات متنوعة ، مع استقلالية قاعدة البيانات وتعريف السياسات وذلك وفقاً لاحتياجات المكتبة، مع عدم ضرورة اتفاق هذه المكتبات في النوع، والنظم الفرعية المستخدمة.
    5- الدعم الكامل لشبكة الإنترنت في مراحل عمل المكتبة المختلفة من الاقتناء، والمعالجة الفنية، والإتاحة .
    6- واجهة تعامل رسومية GUI سهلة، وبسيطة، وتتسم بالمرونة، والتوحيد في عناصرها على مستوى جميع أجزاء النظام مما ييسر التعامل مع النظام من خلالها, وسرعة تعلمها واستيعابها.
    7- لتحقيق أكبر سهولة ممكنة في استخدام النظام هناك ثلاثة طرق لاستخدامه وذلك من خلال أشرطة الأدوات ، والأزرار الوظيفية ، وقوائم الأوامر.
    8- توافر جميع أشكال المساعدة لمستخدم النظام؛ حيث تتوافر المساعدة وفق السياقContext-based Help، ورسائل مساعدة أثناء العمل، ملفات المساعدة Help Files ،ومساعدات بيان الوظائف للأيقونات.
    9- لا وجود مادي لمستويات النظم الفرعية ، حيث يمكن استخدام جميع النظم الفرعية من نفس الشاشة، كما أن محطات العمل تتذكر حقول البيانات الأساسية Key Data Fields وتختزنها وتحملها معها من شاشة إلى أخرى وتستخدمها في عمليات أخرى، كما يمكن أداء وظيفة ما في نظام فرعي أثناء إنجاز وظيفة أساسية في نظام آخر ثم استكمال هذه الوظيفة، بل يمكن التنقل بين نوافذ أكثر من نظام فرعي في نفس الشاشة.
    10- لديه قدرة عالية على التخصيص Highly User Configuration، ومراعاة واستيعاب الاحتياجات المحلية الخاصة بكل مكتبة، وهو يحقق هذا التخصيص Customization من خلال أساليب متعددة منها تعريف السياسات والأشكال، وتعريف وتهيئة النظام.
    11- متعدد اللغات، حيث يدعم يونيكورن بالإضافة إلى العربية والإنجليزية عدد من اللغات الأخرى مثل اللغة الفرنسية والأسبانية والصينية .
    12- لديه أداة التحرير الكلي Global Editor Tool التي تسمح بتعديل قيم معينة في حقول مجموعة من التسجيلات المختارة أو كل التسجيلات بشكل شامل في دفعة واحدة.
    13- نظام فعال للإعارة الاحتياطية في حالة حدوث أي مشاكل تقنية في عتاد الخادم .
    • مميزات النظام• يقدم هذا النظام العديد من المميزات نذكر منها ما يلي:
    1. الجمع بين إمكانات نظم إدارة قواعد البيانات العلائقية RDBMS, وللمكتبة حرية الاختيار بين نظام إنفورمكس أو أوراكل، ونظم استرجاع النصوص Retrieval Systems.
    2. القدرة العالية على التخصيص Highly User Configuration مما يتيح المرونة في تهيئة وتعديل سياسات المكتبة.
    3. كان أول من قدم مفهوم الخادم العميل متعدد الطبقاتMulti layered Client/ Server حيث لا تؤثر كثرة عدد المستفيدين المتزامنين للنظام على أداء وظائف النظام المتعددة.
    6. تقديم إمكانات هائلة للتخصيص API؛ حيث لا تقف قدرات التخصيص للنظام عند حدود إدارة السياسات لكافة النظم الفرعية بل تتعداها إلى إمكانية إضافة تطبيقات جديدة بالكامل, باستخدام واجهة البرمجة التطبيقية API التي تقدم لنظام يونيكورن المرونة اللازمة لتيسير تحسين قدرات النظام لمواجهة الاحتياجات المتغيرة للمكتبات والمستفيدين.
    7. دعم اللغة العربية دعما شاملاً على كافة المستويات, سواء لواجهات الاستخدام أو إمكانيات البحث والعرض والفرز والطباعة, وصولا إلى إمكانية استخدام علامات التشكيل دون التأثير على البحث ودعم البحث في النصوص الكاملة, هذا فضلاً عن دعم النظام للغات متعددة كالفرنسية والألمانية والأسبانية والصينية, ويتيح النظام للمكتبة تخصيص قواعد دعم اللغة العربية المعتمدة داخل المكتبة بالاختيار بين البدائل المتاحة في 17 خاصية لدعم اللغة العربية.
    8. توفير نظام أرشفة الوسائط الرقمية Hyperion؛ وهو تطبيق المكتبة الرقمية الأول الذي يتيح إمكانيات البحث في النصوص الكاملة للوثائق النصية، وإمكانية التصفح للمجموعات الرقمية هرمياً, والتحكم في إتاحة وعرض الوثائق تبعاً لسياسات الإتاحة مع إتاحة إمكانية عرض صور مصغرة للمواد الرقمية في العرض المختصر.
    عيوب النظام: في واقع الأمر لقد كان من الصعب التعرف علي عيوب النظام وذلك لجودة النظام وكفاءته العالية ؛ إلا أن العيب الوحيد الذي ظهر بصورة واضحة هو عدم تحقيقه أحد خواصه الهامة بنسبة 100% وهي أنه قد صُمِّم بحيث لا تؤثر كثرة عدد المستفيدين المتزامنين للنظام على أداء الشبكة الخاصة بالمكتبة؛ ففي بعض الأحيان القليلة يؤثر كثرة المستفيدين المتزامنين للنظام علي أداء الشبكة الخاصة.





    الاستشهاد المرجعى
      ( 1 )  نظام LibSys.NET في المكتبات .- Available in
    http://library.bethlehem.edu/publications/others/howto.shtml

     ( 2 ) نظام "سيمفوني symphony " المتكامل للمكتبات
    .- Available in  
    alexlisdept.blogspot.com/2011/06/symphony.html 
     

الأحد، 13 مايو 2018

الطباعة

مقدمة

          الطباعة هي إحدى وسائل الاتصال في العصر الحديث، وتعتمد عليها معظم الأعمال في يومنا هذا. فإعلانات البضائع، وبطاقات الأسعار، والكتب المدرسية، والأوراق المالية، ما هي إلا مطبوعات.
          وقد عرف الإنسان فكرة الطباعة منذ فجر التاريخ عن طريق ضغط الأشكال المراد التعبير عنها على الصلصال الطري. ويُعتقد أن الصينيين هم أول من عرف فن الطباعة بشكله الحديث؛ حيث استخدموا قوالب الخشب المحفور عليها أشكال مختلفة، فكانت تبلل بالأصباغ ثم تضغط على الورق. ويعد الصيني بي تشينج (Bi-Sheng ) أول من قام باختراع حرف مستقل لكل رمز من رموز اللغة عام 1045، إلا أن تلك الفكرة لم تلاق قبولاً لدى الصينيين نظراً إلى كثرة الرموز المستخدمة في اللغة الصينية.
          ولم تعرف أوروبا الطباعة حتى وقت قريب، ففي الوقت الذي كانت فيه أمم المشرق تستخدم القوالب الخشبية، كان الأوربيون ما يزالون ينسخون الكتب والرسائل بأيديهم. وأول ما طبع الأوروبيون باستخدام طريقة القوالب هي صورة للقديس كريستوفر عام 1423م، وبعد ذلك انتشرت طباعة الكتب في أوروبا باستخدام تلك الطريقة.
          وفي عام 1440، قام جوتنبرج (Johann Gutenberg ) بثورة في الطباعة، حينما استخدم الحروف الطباعية المتحركة في آلة طباعة خشبية واحدة.
          وبدخول أوروبا عصر النهضة ازدادت الرغبة في التعلم، أتبعها ازدياد الحاجة إلى أسلوب جديد في الطباعة أكثر سهولة وفعالية، فتوالت الاختراعات في مجال الطباعة واحداً تلو الآخر. ففي عام 1800، تمكن نبيل إنجليزي من اختراع آلة طباعة كاملة من الحديد، وفي عام 1811، قام الألماني فريدريك كويننج (Friedrich Koening ) باختراع آلة طباعة أسطوانية تعمل بالبخار، الأمر الذي زاد من كفاءة الطباعة وسرعتها.
          ولم تقف الاختراعات الأوروبية عند هذا الحد، ففي عام 1826، قام عالم الطبيعة الفرنسي  جوزيف نيبس (Joseph Niepce ) باختراع أول آلة تصوير ضوئي في العالم، الأمر الذي فتح المجال واسعاً أمام العديد من الاختراعات الأخرى في مجال الطباعة، مثل طباعة القوالب (الأكليشيهات) (Photoengraving ) التي اخترعها فوكس تالبوت (Fox Talbot ) عام 1852، وطباعة الصفائح الضوئية (Photolithography ) التي اخترعها ألفونس بوافا (Alphonse Poitevin) عام 1855. وقد أدت هذه الاختراعات إلى ظهور طباعة الأوفست في أوروبا بنهاية القرن التاسع عشر.
          أما أمريكا، فقد دخلت مضمار الطباعة متأخرة بعض الشيء. ففي عام 1846، اخترع الأمريكي ريتشارد هيو (Richard Hoe ) آلة الطباعة الدوارة التي تم فيها توصيل حروف الطباعة بأسطوانة دوارة، ثم استخدمت أسطوانة أخرى لتثبيت الطباعة. ووصلت سرعة تلك الآلة إلى 8000 صفحة في الساعة، ثم اخترع وليام بلوك (William Bullock ) عام 1863م آلة لطباعة الصحف ذات تغذية ذاتية من الورق الملفوف على بكرات، الأمر الذي زاد من كفاءتها وسرعتها. وفي عام 1871، طور ريتشارد مارش ( Richard Marsh) هذه الآلة لتنتج 18 ألف صفحة في الساعة.
          في عام 1884، قام أوتمر مارجنثالار ( Ottmar Mergenthalar ) بصناعة قطعة معدنية تحتوى على قوالب معدنية تمثل كل الحروف المستعملة منضدة بجوار بعضها بعضاً، وقد أطلق عليها اسم "خط الحروف الطباعية" (Linotype ). وقد استخدمت هذه الآلة في طباعة جريدة النيويورك تريبيون عام 1886.
           وبعد عدة سنوات استطاع تولبرت لانستون (Tolbert Lanston ) اختراع آلة لجمع الحروف المستقلة، تتألف من وحدتين رئيسيتين؛ هما: وحدة لوحة المفاتيح، ووحدة صب الحروف.
          ثم قام الأمريكيان ماكس ولويس ليفي (Max & Louis Levy ) باختراع شاشة التلوين النصفي (Halftone Screen )، الأمر الذي مهد الطريق أمام ازدهار طباعة الصور في مختلف المواد.
          ومع بداية القرن العشرين تمكن الأمريكي آيرا روبل (Ira Ruble) من استخدام طباعة الأوفست التي انتشرت على نطاق واسع.
          ثم قفز فن الطباعة قفزات واسعة ليساير النهضة العلمية، والتقدم التقني في نهاية القرن العشرين. فمع اختراع أجهزة الحاسوب أصبح صف الحروف وتنسيقها يتم باستخدام تلك الأجهزة، ثم تعدى ذلك إلى استخدام أشعة الليزر في تنسيق الحروف، والتقاط الصور، وفصل الألوان، وتنسيق الصفحات.

أنواع آلات الطباعة

          على الرغم من اختلاف آلات الطباعة من حيث أنواعها وأشكالها وأحجامها، إلا أنها في النهاية تنتمي إلى أحد الأنواع الثلاثة الآتية:
1.    آلة الطباعة المسطحة    (Flat Bed Press ).
2.    آلة الطباعة الأسطوانية  (Cylinder Press).
3.    آلة الطباعة الدوارة      (Rotary Press).

1 - آلة الطباعة المسطحة:

          وتُعدّ أبسط أنواع آلات الطباعة؛ إذ تعتمد في عملها على التقاء سطحين مستويين، الأول: يمثل  الشكل المراد طبعه محملاً بالأحبار (الفورمة)، والثاني: يمثل المادة المراد الطباعة عليها. وعند تقابل السطحين، وعن طريق الضغط بينهما، تتم عملية الطباعة.
          وهناك أحجام مختلفة من آلة الطباعة المسطحة وفقاً لحالات استخدامها، إلا أن أغلبها يعد من الأحجام الصغيرة. التي تُستخدم في طباعة المطبوعات التجارية والمنشورات الصغيرة. ويستخدم السطح الحامل للأحبار (الفورمة) حروفاً مصنوعة من الرصاص، أو القصدير، أو الأنتيمون، أو قالباً (أكليشيه) من الزنك، أو النحاس، أو كليهما. كما تُستخدم في بعض الأحيان ألواح من المبلمرات، على أنها بدائل للقوالب (الأكليشيهات) المعدنية. وتدار آلات الطباعة المسطحة في معظم الأحيان بالكهرباء، إلا أن منها ما يدار باليد .

2 - آلة الطباعة الأسطوانية:

          وهي أكبر من آلة الطباعة المسطحة، وتُستخدم في طباعة الكتب والمطبوعات متعددة الصفحات. وتتكون آلة الطباعة الأسطوانية من سطحين: الأول مستوٍ، وهو المحتوي على الشكل المراد طباعته (الفورمة)، والآخر أسطواني، وتلتف حوله المادة المراد الطباعة عليها، وغالباً تكون الورق.
          وتتم عملية الطباعة بتحريك السطح الأسطواني المحتوي على الورق على السطح المستوي المحتوي على الشكل المراد طباعته.

3 - آلة الطباعة الدوارة:

          أما آلة الطباعة الدوارة، فتتميز بحجمها الكبير، وسرعتها الفائقة، وتستخدم لجميع أنواع الطباعة، ويوجد منها نوعان:
النوع الأول: هو آلة الطباعة الدوارة المغذاة بالأفرخ، وفيها يكون ورق الطباعة منبسطاً على هيئة أفرخ، في حين يكون الشكل المراد طبعه أسطوانياًّ.
النوع الثاني: هو آلة الطباعة الدوارة ذات النسيج المحكم ، وفي هذا النوع يُستخدم الورق على هيئة بكرات، وفيها تتحرك أسطوانتان متقابلتان؛ إحداهما: حاملة للأحبار، والأخرى حاملة لبكرات الورق. وتُستخدم هذه الآلة في طباعة المجلات، والصحف، والكتب، ومطبوعات التغليف. ويمكن لهذا النوع أن يطبع على وجه واحد أو وجهين في وقت واحد وكذا بلون واحد أو بعدة ألوان.

أنواع الطباعة

          هناك أنواع أساسية للطباعة وأخرى فرعية. وتنقسم الأنواع الأساسية إلى ثلاثة أنواع: الطباعة البارزة (Relief Printing )، والغائرة (Rotagravure )، والمستوية (Lithography ).
أما طرق الطباعة الفرعية، فمنها ما يلي:
الطباعة المسامية ( Silk _ Screening ).
الطباعة الالكتروستاتيكية ( Electrostatic _ Printing ).
الطباعة النافرة ( Raised _ Printing ).
طباعة النفث الحبري ( Ink Expectoration _ Printing ).

الطباعة البارزة:

          هي أقدم أنواع الطباعة، وتعتمد على تحبير الحروف أو الأشكال البارزة المصنوعة من المعدن، أو النايلون، أو السيريل، ثم ضغطها على سطح الورق. وقد استخدم الصينيون هذه الفكرة منذ آلاف السنين. وقد عُرفت تلك الطريقة بأحد أشكالها الحديثة منذ منتصف القرن الخامس عشر، واستمرت بوصفها عملية أساسية في الطباعة لمدة خمسة قرون متتالية. وقد استحدثت ألواح السيريل أو النيلون أو المبلمرات بديلاً للقوالب المعدنية أو الشبكات الحريرية في الطباعة المسامية المسطحة، وأُطلق عليها اسم الطباعة المرنة. ثم استحدثت رقائق اللدائن الحساسة للضوء، حيث يتم إبراز الأجزاء المراد طبعها على تلك الرقائق، ثم تعرض للضوء، الأمر الذي يجعلها تتصلب. ثم يتم إزالة الأجزاء غير المتصلبة باستخدام الماء والمحاليل الكاوية. ثم تدخل تلك الرقائق إلى غرفة الطباعة، حيث تتشرب الحبر، ثم تلامس الورق، فينتقل الحبر إلى سطح الورق (الشكل الرقم 1 الطباعة البارزة).

الطباعة الغائرة:

          وهي على عكس الطباعة البارزة؛ فتتم باستخدام أسطوانة نحاسية محفور عليها الكلام، أو الصور، أو الأشكال المراد طباعتها بحفار ميكانيكي أو بأشعة الليزر. وتُملأ التجاويف الممثلة للكلام أو الأشكال بحبر الطباعة، ثم يضغط بهذه الأسطوانة على الورق فتطبع الحروف والأشكال. وتستخدم هذه الطريقة في طباعة الصور، والمجلات، والكتالوجات، ومطبوعات التعبئة، والتغليف، وطوابع
البريد، وورق الحائط. وقد يستخدم التصوير الضوئي في هذا النوع من الطباعة، حيث تُعَرَّض رقائق الجيلاتين الحساس للضوء للرسوم أو الأشكال المراد طباعتها من خلال شرائح تم تصويرها ضوئياً، فيتصلب الجيلاتين تبعاً لكمية الضوء المار ممثلاً الرسوم التي صُورِّت. ثم تستخدم تلك الرقائق بعد ذلك بمثابة قوالب في عملية الطباعة (الشكل الرقم 2 الطباعة الغائرة).

الطباعة المستوية:

          تعتمد تلك الطريقة على نظرية الفصل الدهني للماء. وأول من اكتشف هذه الطريقة هو الألماني ألويز سنفلدر(Aloys Senfelder) عام 1796، وكان ذلك بطريق المصادفة البحتة، عندما كتب على حجر جيري بقلم رصاص، فسقط بعض من محلول حامضي على هذا الحجر، فلاحظ أن الحامض قد غطى سطح الحجر الجيري، ما عدا الأماكن التي كتب عليها بالقلم الرصاص، وحينما أضاف حبر الطباعة على سطح هذا الحجر، لاحظ سنفلدر أن الحبر قد استقر على الأجزاء المكتوبة، ولم يتجاوزها إلى الأجزاء الأخرى التي تخللها الحامض. وعندما ضغط هذا الحجر على ورقة، وجد أن ما كتبه على الحجر قد طُبع معكوساً على الورقة (الشكل الرقم 3 الطباعة المستوية).


          وكانت تلك هي بداية اكتشاف طريقة الطباعة المستوية. وفي بداية القرن العشرين تم استبدال لوحات الزنك بالحجارة الجيرية المستوية، ثم تطورت بعد ذلك هذه الطريقة من طباعة مباشرة من اللوح المعدني إلى طباعة غير مباشرة باستخدام وسيط مطاطي، وهو ما يطلق عليه طباعة الأوفست، حيث سهلت هذه الطريقة الطبع على مختلف الوسائط التي لا يمكن الطباعة عليها مباشرة مثل اللدائن والمعادن.

الطباعة المسامية:

          ويستخدم في هذه الطريقة شبكة حريرية مثبتة على إطار من الخشب أو المعدن. وتُطْلَى هذه الشبكة بطلاء خاص، وذلك لغلق مسامها، وبعد جفاف الطلاء تغطى بمادة حساسة للضوء، ثم يوضع الشكل المرسوم المراد طباعته على سطح شفاف منفذ للضوء، ثم تُعرَّض الشبكة الحريرية للضوء عبر السطح الشفاف، فينفذ الضوء من المناطق غير المرسومة، فتتصلب نظيراتها على الشبكة الحريرية. وباستخدام بعض المذيبات العضوية في إزالة المناطق التي لم تتصلب، تعود الشبكة إلى سابق حالتها. ويوضع اللون المراد طباعته على هيئة سائل غليظ القوام، ثم يوزع اللون بواسطة ضاغط مطاطي يساعد على نفاذ اللون من خلال الشبكة الحريرية؛ حيث يقوم بتلوين المناطق المطلوب طبعها على مختلف الأسطح. وقد تطورت هذه الطريقة حالياً، حيث تتم الطباعة بهذه الطريقة في وقت قياسي، وبدقة متناهية، وعن طريق التحكم الإلكتروني في كل الخطوات (الشكل الرقم 4 الطباعة المسامية).

الطباعة الإلكتروستاتيكية:

          في هذه الطريقة، يُعالج ورق الطباعة بشحنة كهربائية في المناطق المراد الطباعة عليها، ويعالج كذلك مسحوق الحبر بشحنة مغايرة، ثم يُعرَّض كلٌّ منهما إلى جهد كهربائي معاكس لجهد الآخر؛ فيتم الاتحاد بين جزيئات الحبر وجزيئات الورق.

الطباعة النافرة:

          وهي ليست نوعاً من أنواع الطباعة بقدر ما هي نوع للمادة المطبوعة، فالمادة المطبوعة تكون ذات سطح بارز، ويتم ذلك بعدة طرق؛ منها: استخدام مواد ملونة صمغية حرارية، أو استخدام الضغط الشديد على السطح المراد الطبع عليه باستخدام قوالب خاصة بهذا الغرض لإنتاج أشكال مجسمة.

طباعة النفث الحبري:

          تعتمد هذه الطريقة على استخدام الحاسوب. وتتم عن طريق نفث الحبر من صمام دقيق لتظهر بالشكل المطلوب، وتستخدم هذه الطريقة لكتابة تاريخ الصلاحية على المنتجات الغذائية، والعبوات الدوائية، كما تستخدم لوضع العلامات الشفرية والأرقام في تسعير المنتجات المختلفة.

تجهيز مواد الطباعة

          وهي عملية تتم في أربعة مراحل: تنضيد الحروف، وتصحيح النماذج، وإعداد الأشكال والرسوم، وأخيراً تنسيق الصفحات وترتيبها.
وتنضيد الحروف هي أولى المراحل، وتتم إما باستخدام القطع المعدنية المسخنة (Hot-Metal Typesetting )؛ إذ يتم تنضيد حروف سطر كامل (الطريقة السطرية)، وإما بتنضيد كل حرف بشكل مستقل بذاته (الطريقة الحرفية).
          وقد تُصفُّ الحروف بالطريقة الضوئية التي تعتمد على إمرار حزم ضوئية خلال شرائح مفرغة بأشكال الحروف، ثم استقبال تلك الحزم الضوئية على شرائح حساسة للضوء (الأفلام).
          أما عملية تصحيح النماذج أو ما يعرف بالبروفات، فتتم فيها طباعة نُسخ تجريبية، وتصحيح ما بها من أخطاء، يتعين على المصحح أن يقوم بمراجعة جميع تلك النسخ التجريبية عدة مرات للتأكد من خلوها من الأخطاء، ثم تعاد للتصحيح.
          يقوم قسم خاص بعد ذلك بتجهيز الرسوم والأشكال، ويوجد نوعان من الرسوم، يحتاج كل منهما إلى تجهيز خاص، فالرسوم والأشكال الخطية- مثل الرسوم اليدوية والخرائط والأشكال التوضيحية- يتم تصويرها بكاميرا خاصة، ثم طباعتها على فيلم له عامل مغايرة عالٍ (High Contrast Film )، حيث تنتج صور سلبية بالمقاس المطلوب. أما الصور الضوئية والملونة، فيتم تجهيزها باستخدام شاشة التلوين النصفي (Halftone Screen )، حيث يتم التعامل معها كآلاف من النقاط الدقيقة المصمتة.
          تدخل عملية التجهيز بعد ذلك مرحلتها الأخيرة، وتتمثل في تنسيق الصفحات؛ حيث يتم تجميع الرسوم والأشكال مع القطع المكتوبة، وتنسيقها لتكوين صفحة أو وجه طباعي واحد، ويتم ذلك بإحدى طريقتين: إما بلصق الصور الموجبة لمختلف الأشكال والرسوم والقطع وجمعها وتنسيقها، ثم تصوير كل ذلك في صورة سلبية واحدة، وإما بعمل صورة سلبية لكل شكل أو رسم أو قطعة مكتوبة على حدة، ثم تقص، وتنسق، وتلصق في صفحة واحدة. وبعد ذلك تستخدم الصفحة التي تم تنسيقها لإنتاج قوالب الطباعة على حسب الطريقة المستخدمة. وهكذا تصبح المواد جاهزة لأن تدخل في عملية الطباعة وإنتاج مواد مقروءة.

الأحبار

          يُعتقد أن المصريين القدماء هم أول من عرف الأحبار وصنعوها، فقد وجدت بعض المومياوات ملفوفة في أثواب من الكتان، وقد دَونّ عليها أسماء أصحابها بأحبار صنعت من أكسيد الحديد.  كما صنع المصريون الحبر من غراء، وصمغ الخضراوات، المخلوط بالماء، واستخدموه في الكتابة على ورق البردي.
          أما الصينيون، فصنعوا الأحبار من زيت الحبوب ولحاء الأشجار مع الصمغ العربي. وقد تميز هذا الحبر بمقاومته للماء، والظروف البيئية المختلفة، وطول مدة بقائه. كما ابتكر الصينيون أنواعاً عديدة من الأحبار، وتفوقوا في صناعتها منذ ألفي عام، واستمر هذا التفوق حتى الآن، حيث يصدر الحبر الصيني إلى جميع بلدان العالم، وهو معروف باسم "الحبر الشيني".
          أما الرومان، فقد استخدموا الأحبار التي تفرزها بعض أنواع الحيوانات المائية، كما قاموا بصناعة الأحبار المختلفة من الزيت، ولحاء الأشجار، والسناج. وفي العصور الوسطى صنع الرهبان في أوروبا أحباراً من كبريتات الحديد مضافاً إليها مسحوق العلقم.
وقد عاب الأحبار القديمة شدة سيولتها، إذ كانت تصنع من مساحيق تذوب في الماء، فكانت لا تثبت على القوالب. وفي عام 1438، أضاف الألماني جوتنبرج زيت بذرة الكتان المُغْلَى إلى الأحبار ليزيد من لزوجتها. وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بدأ استخدام المنتجات البترولية والمواد الكيماوية بديلاً لزيت الكتان.

صناعة الأحبار:

          يوجد نوعان من الألوان الحبرية؛ أولية، وثانوية. فالألوان الأولية هي: الأصفر، والأحمر، والأزرق. أما الألوان الثانوية، فتتكون بخلط لونين من الألوان الأساسية بنسب مختلفة، فعلى سبيل المثال، عند مزج اللونين: الأصفر، والأحمر، ينتج اللون البرتقالي، وعند مزج اللونين: الأصفر، والأزرق، ينتج اللون الأخضر.
          وفي الوقت الحالي تصنع أحبار الطباعة من عديد من الأصباغ الملونة التي غالباً ما تكون مواد غير عضوية مختلفة الألوان لا تذوب في الماء. ويكون ذلك بطحن هذه الأصباغ، ثم خلطها بالزيوت.  
          وتختلف مكونات الأحبار باختلاف أنواع الطباعة، فالأحبار المستخدمة في طباعة الأوفست تكون أحباراً ذات لزوجة عالية، ومقاومة شديدة للأحماض تجف بالحرارة.
          أما الأحبار المستخدمة في الطباعة الغائرة، فهي قليلة اللزوجة حتى تنساب داخل المناطق الغائرة للسطح الحامل للأحبار،  ويراعى ألا تكون ذات حبيبات خشنة تمنع انسيابها داخل المناطق الغائرة.
          والأحبار المستخدمة في مطبوعات التغليف تصنع بطريقة تحافظ على لمعانها، كما يجب أن تكون شديدة التحمل للتأثيرات الجوية والاحتكاك. أما الأحبار المستخدمة في الكتب والمجلات العلمية، فيحب أن يراعى فيها القدرة على فقد لمعانها مع جفافها.
          أما أحبار المطبوعات المستخدمة في عبوات الدهانات والكيماويات، فيجب أن يراعى فيها عدم قابليتها للتفاعل مع تلك المواد.

المراجع

  1. Craig, James, Production for thd Graphic Designer, 2nd ed., 1990.
  2. Davies, M., Aldus Manutius, 1995.
  3. Gaynor, J., ed., Hard Copy and Printing Materials, Media, and Processes, 1990.
  4. Graphic Communications Technology, 2nd ed., 1992.
  5. Johnson, J. L., Principles of Non-Impact Printing, 2nd ed., 1992.
  6. Karsnitz, J. R., Graphic Arts Technologies, 1984.
  7. Rauch, J., ed., Rauch Guide to the U.S. Ink Industry, 1992.
  8. Sanders, J., ed., Pigments for Inkmakers, 1990.
  9. Sassoon, R., Computres and Typography, 1993.
  10. Spring, M. B., Electronic Printing and Publishing, 1991.
  11. Steinberg, S. H., 500 Years of Printing, 4th ed., 1994.

الجمعة، 9 مارس 2018

المؤرخ و الوثيقة: من الأرشيف التقليدي إلى الأرشيف الإلكتروني/ د.محمد تلوزت بن علا

 قضايا التوثيق في الأرشيف الإلكتروني.

تقديم.
         تمثل الوثيقة  ذاكرة الوطن والوطن بدون وثيقة لا تاريخ له، لهذا بادرت الأمم بجمع وحفظ تراثها الوثائقي منذ القدم. فبدأ التوثيق منذ اكتشاف الكتابة في بلاد الرافدين مرورا بمصر القديمة والأرشيف اليوناني والروماني القديم، وتدوين الحديث الشريف، وتأريخ حوادث إنشاء الدولة العربية الإسلامية،ودول العالم المختلفة، فلولا الوثيقة لما اطلعنا على تاريخ الأمم المختلفة ولا حفظنا أحداث التاريخ، و إذا كانت إذن للوثيقة قيمة كبرى في حفظ التراث وفهم الماضي لتعزيز الثقة بالمستقبل، فإن هذا الإنتاج الإنساني يواجه تحديات في عالم اليوم، فكيف يمكن الحفاظ عليه للاستفادة منه؟.  

أولا. الأرشيف التقليدي
1.     تعريف الوثيقة و الأرشيف.
ماهية الوثيقة.
     الوثيقة هي كل ما يعتمد عليه، ويرجع إليه لأحكام أمر، وتثبيته وإعطائه صفة التحقق والتأكد منه وهو كل وديعة فكرية أو تاريخية تساعد في البحث العلمي، أو تكشف عن جوهر واقع ما، أو تصفه ويمكن تحديد عناصر الوثيقة في ما يلي:[i]
أن تكون مصدر للمعرفة: أي أنها تحتوي على معلومات تمكن المستفيد من الاعتماد عليها في إثبات حجة أو الرد على رأي أو الحصول على معلومة جديدة تفيد في البحث العلمي.
أن تمتلك قوة الإثبات: مثل أن تكون صادرة عن مؤسسات رسمية مختصة، أة تم تحقيقها سابقا.
أن تكون قابلة للانتفاع حيث تقدم معلومات هي موضع حاجة لدى الباحث مهما كانت صفته.
أما هدف الوثيقة  فيتغير بطبيعة الحال، فقد يكون تقديم برهان أو شهادة، أو الاحتفاظ بنتائج بحث حول حدث ما، أو التمهيد لوثيقة أخرى أو عرض أفكار أو نتائج أو المساعدة في إنجاز عمل  وقد يكون الهدف هو والإعلان و الإخبار، أي نشر المعلومات في شكل مبسط.

 أما أنواع الوثائق من ناحية الشكل فيمكن اختصارها كالتالي:

 1) الوثيقة المكتوبة.
 2) الوثيقة المرئية.
 3) الوثيقة المسموعة.
 4) الرسومات.
 5) الخرائط.
 6) الوثائق المحوسبة (HARD DISK -FLOPPY DISK - CD - DVDإلخ…).
7) المايكروفورميات  بجميع اشكالها (مايكروفيلم/ مايكروفيش/ SLIDE).

و خلاصة فالوثيقة تعني تلك الوثائق التي تكون لها أهمية تاريخية أو قانونية أو مالية ويمكن الرجوع إليها مستقبلاً لاستنباط المعلومات التي تفيد المؤرخ أو الباحث.

 و من جهة أخرى تلعب الوثائق دورا في تنشيط الحركة الثقافة في المجتمعات، وما يدل على ذلك ما خلفه المسلمون من الوثائق والمخطوطات والتي امتلأت بها المكتبات التي هي موضوع اهتمام العلماء والمؤرخين وركيزة بحوثهم ودراساتهم، و نتيجة لهذا الدور للوثائق نتساءل عن علاقتها بما يعرف بالأرشيف.

2.     ب . تعريف الأرشيف.

تمثل إذن الوثائق مصدرا مهما من مصادر المعلومات، فالوثائق بمفهومها العام "Documents" تعني وكما هو متعارف عليه، كل وعاء أو مصدر من مصادر المعلومات الورقية وغير الورقية، المقروءة أو المسموعة والمرئية. فالكتاب على سبيل المثال وبكل أنواعه وأشكاله هو وثيقة بهذا المعنى، وكذلك الصحف والمجلات والدوريات الأخرى، وكذا المخطوطات، والأفلام، والصور…إلخ.

   و يمكن التمييز بينها و بين الوثائق التاريخية، وكذلك الوثائق الرسمية وغير الرسمية الجارية، والتي يطلق عليها اسم "Archives"، ويجتهد بعضهم إلى تعريبها تحت اسم (أرشيف). وهنا يستحسن بنا أن نؤكد بأن مثل هذه المصادر الناقلة للمعلومات (الوثائق التاريخية والوثائق الجارية) لها أهمية عند الباحثين، لأنها تعد في غالبيتها من مصادر المعلومات الأولية  التي لها أهميتها خاصة في البحث العلمي. وعلى هذا الأساس فهي تتميز عن مصادر المعلومات الأخرى، كالكتب والمراجع والصحف والمجلات العامة، التي هي في معظمها مصادر من الدرجة الثانية[ii] .

و يعد الأرشيف بصفة عامة هو مجموع تلك الوثائق التي تحفظ بقصد الرجوع إليها عند الحاجة لاستعمالها كحجة وبرهان في الدفاع وإثبات الحقوق ومادة ضرورية تعتمد عليها البحوث التاريخية ومصدر إلهام في دراسة المشروعات الآنية، و يعني استعمال الأرشيف استرجاع المعلومات التي تحملها هذه الوثائق لأن المحافظة عليها يعني حتماً صيانتها وحمايتها بكل أصنافها.
 2- الوثيقة و التاريخ

   إن العلاقة بين علمي التاريخ والوثائق علاقة عضوية تربط بين المؤرخ وعالم الوثائق برباط الهدف الذي يسعى إليه كل منهما وهو الوصول إلى الحقيقة، ولقد أصبح المنهج الوثائقي أحد الروافد الأساسية في مجرى الحقائق التاريخية فبدون الوثائق وأشكالها المختلفة والمخطوطات لايمكن كتابة التاريخ، وأي تاريخ يكتب في غياب الوثائق والمخطوطات تاريخ ينقصه الكثير من الحقائق، ذلك أن الوثائق والسياسة ترتبطان بقوة، فالوثائق هي التي تسجل بها أحداث الدولة وأعمالها الرسمية وغير الرسمية، ولاشك أنها اكتسبت قيمتها التاريخية والسياسية فيما دون فيها من حقائق ثابتة ينتفع بها في دعم حق من الحقوق مثلا رجوع المغرب إلى الوثائق التاريخية لتأكيد مغربية صحرائه. وتعد الوثائق بذلك من المصادر الأصلية والأساسية لدراسة التاريخ والحضارة لكونها منبعاً مادياً يرد فيه الكثير من المعلومات الأصلية لكل باحث يرغب في الوصول إلى الحقائق العلمية.

   وتنقسم الوثائق التاريخية إلى نوعين أساسيين إذا أخذنا بعين الاعتبار مصدرها:

-    الوثائق الرسمية: وتشمل المعاهدات والقوانين و الظهائر و المراسيم، وغيرها مما يتصل بشؤون الحكم و مؤسسات القرار.
-    الوثائق الخاصة: وتضم السجلات والعقود والخطابات وغير ذلك مما يتصل بالعلاقات الاجتماعية الخاصة للمواطنين.

 ولا تقل الوثائق الخاصة في قيمتها وأهميتها عن الوثائق الرسمية، إذ تلقي الضوء على أحوال المجتمع والعلاقة بين أفراده، وبينهم وبين السلطات الحاكمة وغير ذلك من الأمور، ويزيد من قيمتها أنها تصل إلينا مكتوبة بخط أفراد من الشعب دون تنميق أو تحريف.
    و إذا كانت للوثائق هذه القيمة على الصعيد الوطني لقيمتها العلمية فقد وجدت الوثائق اهتماما كبيرا على الصعيد الدولي فأين يبرز ذلك؟.

3-الاهتمام الدولي بالأرشيف.

   أدى تطور نظم حفظ وجمع الوثائق في الفترة  المعاصرة إلى ظهور علم الوثائق وهو ميدان مهم في علوم المكتبات دعت إليه الرغبة الملحة في الاطلاع على المعرفة التي تحملها الوثائق والمخطوطات وفهم جوهرها وتيسير الإفادة منها بالنسبة لجميع الباحثين. و نظرا لمكانة الوثائق في العلاقات بين الدول تأسس المجلس الدولي للوثائق[iii]، و صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1960، وحدد مقره في مدينة روما في إيطاليا. و تهدف هذه المؤسسة إلى:

1-عقد مؤتمرات حول الوثائق بصورة دورية.
 2- إقامة وتنمية وتعزيز العلاقات بين أمناء الوثائق في كل الأقطار.
 3- دعم كل الإجراءات للمحافظة على التراث الوثائقي الإنساني.
 4- تأسيس فروع إقليمية للمجلس الدولي في عدد من المناطق الجغرافية في العالم.

 و في المنطقة العربية تأسس فرع إقليمي عربي له في يوليو1972، وأطلق عليه اسماً مختصراً عَرَبيكا (Arabica)[iv]. و اتخذ مقره الدائم في بغداد ومن مهامه[v]:
الحفاظ على التراث العربي المتمثل في الوثائق.
خلق وعي وثائقي في الدول العربية.
 تعزيز التعاون بين المتخصصين بحفظ الوثائق في جميع دول المنطقة العربية. و رغم هذه المجهودات فإن الأرشيف كنتاج بشري يواجه مشاكل ترتقي إلى تحديات فماهي؟.

4- تحديات الأرشيف التقليدي.

     عرف التاريخ الإنساني كوارث كبيرة أدت في فترات إلى دمار أجزاء هامة من التراث الوثائقي العالمي، مثل حريق مكتبة الإسكندرية بمصر القديمة  الذي دمر المخزون التراثي الهائل لذلك العصر ، وقد رمى المغول بالكتب والوثائق التاريخية في عاصمة الإمبراطورية العربية الإسلامية بغداد في النهر حتى اسودت مياه دجلة لعدة أيام، و إذا كان حفظ الوثائق الرسمية للأجيال القادمة أحد الهموم الأساسية لرجال الدولة على مدى العصور فإن العمل الأرشيفي في البلدان العربية يعاني من نظرة دونية إليه، حيث تتعامل معظم المؤسسات الرسمية مع الأرشيف على أنه عمل ثانوي، وحيث يعتقد الجمهور غير المتخصص أن عمل الأرشيف يبدأ عندما تنتهي الحاجة إلى الوثائق الرسمية عكس ما نجده في الدول المتقدمة التي تتعامل باحترام كبير مع العمل الأرشيفي وتعطيه معناه الحقيقي.

  و من ابرز التحديات الأساسية التي يواجها الأرشيف العربي في الألفية الثالثة، هي إثبات موقعه المتميز في الدولة والمجتمع، و استيعاب التطورات التكنولوجية الجديدة في العالم وخاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واختيار المناسب من هذه التكنولوجيا لظروف عمل المراكز الأرشيفية العربية.

        و يعرف إنتاج الأرشيف الورقي حاليا تراجعا كميا بسبب:

مشكلة التكاليف: فقد أصبحت تكاليف إنتاج وصناعة الورق في تزايد مستمر فضلا عن مشاكل صناعة الورق والتي تتمثل في اجتثاث الغابات و تأثيراتها السلبية على البيئة.
مشكلات التخزين حيث يحتاج الأرشيف إلى مساحات مكانية كبيرة مما يفرض دوما توسيع البنايات والمخازن.
تعرض المستندات الورقية للتلف والتمزق. لكثرة استخدامها من قبل القراء والباحثين.
مشكلات نقل وشحن الوثائق الورقية من مكان لآخر و تزايد تكاليفها تؤثر في عمل مراكز الوثائق في مختلف مناطق العالم.
مشكلات تنظيم وتصنيف وفهرسة الوثائق الورقية و إنجاز كشافات لها.
صعوبة وصول الباحثين  بسهولة وسط هذا الكم الهائل والمتزايد من الوثائق والمصادر الورقية إلى الوثائق التي تهمهم.
عجز الوثائق والمصادر الورقية عن الاستجابة للباحث المعاصر الذي يرغب في معلومات سريعة و شاملة ودقيقة.

تفوق و سهولة إيصال الحواسيب والتكنولوجيات المصاحبة لها كل أنواع المعلومات السريعة والوافية والدقيقة إلى الباحثين موفرة لهم بذلك الوقت والجهد.

و تمر الوثيقة حسب عمرها بثلاثة مراحل هي:[vi]
1ـ المرحلة الأولى: و تكون وثائقا لا تزال تستخدم في مصالحا المنتجة لها و تسمى بالوثائق أو الأرشيف الجاري.
2ـ المرحلة الثانية: وتبدأ عندما تغلق الملفات وتنتهي معالجة القضايا المتعلقة بها فيصبح استخدام الوثائق عرضياً ويسمى الأرشيف الوسيط.
3 ـ المرحلة الثالثة: وتبدأ عندما تنتهي فترة الحفظ الوسيط، وعندما تزول كل حقوق المؤسسة المعنية بالتصرف بوثائقها، وتؤول هذه الوثائق إلى مراكز الأرشيف، ويتقرر حفظها بصورة دائمة أو إتلافها بعد انتهاء حاجة الإدارة إليها ويسمى الأرشيف النهائي. فكيف يتعامل معها في كل مرحلة؟.

     تلتزم مراكز الأرشيف في البلدان المتقدمة بالإشراف على الوثائق في مراحلها الثلاث: النشيطة والوسيطة والأرشيفية النهائية، في حين أن واقع عمل مراكز الأرشيف العربية ينحصر فعلياً بالمرحلة الثالثة فقط، وهي في بعض الأحيان لا تملك السيطرة الفعلية على هذه المرحلة، إذ أن بعض المؤسسات لا تلتزم بتسليم وثائقها المنتهية إلى مراكز الأرشيف مما يعرضه للضياع.

 ويتوجب عليها تطبيق مفهوم الأرشيف المتكامل بمراحله الثلاث، وبذلك يمكن أن يرتبط عمل الأرشيف بشكل آلي بالعمل اليومي للإدارة الحكومية، ثم تغيير النظرة إلى عمل رجل الأرشيف و الأرشيف السلبية لأنه هو المؤتمن على تاريخ الوطن وذاكرته. و سيؤدي ذلك إلى النهوض بالأرشيف و الحفاظ على تراثنا، و تكريس مفهوم دولة المؤسسات و إعلاء هيبة الدولة، و تعزيز المثل الوطنية لدى الجيل الجديد.

ثانيا.الأرشيف الإلكتروني.

1ـ مزايا النظم الرقمية:

          تطور استعمال التكنولوجيا و المعلوميات في الحياة الاجتماعية و الثقافية في الفترة  المعاصرة بشكل كبير وبدأت مراكز الوثائق و الأرشيف و المكتبات الوطنية تعتمد النظم الرقمية التي توفرها المعلوميات، ونوجز مزاياها فيما يلي[vii]:
ـ المساعدة في الحفاظ على الوثائق النادرة والسريعة العطب من دون عرقلة الباحثين الوصول إليها.
ـ  سهولة استرجاع و استخدام الوثيقة حسب مواضيعها و أشكالها مقارنة مع التصنيف اليدوي.
ـ سهولة اطلاع و استرجاع الباحث للوثائق عند تحويلها إلى الشكل الرقمي يمكن للمرء استرجاعها في ثوانٍ، كما يمكن لعدد من الباحثين قراءة الوثيقة نفسها في الوقت نفسه ، و يمكنهم الإطلاع عليها عبر الإنترنيت بدل الحضور شخصياً إلى مقر مركز الوثائق و مكابدة مشاق السفر.
ـ توفير أماكن التخزين حيث أن النسخ الإلكترونية تشغل حيزاً بسيطا و صغيرا في المجال.

2. طرق تحويل الوثائق إلى الأرشيف الإلكتروني:

     عندما تقرر أية مؤسسة استخدام النظم الرقمية فلا بد لها من دراسة الخيارات التقنية ومزايا وعيوب كل منها، ولابد لها من الموازنة بين ثلاثة أمور: الحفاظ على الوثائق ، التكلفة و سهولة الاستخدام.

ـ الخيارات التقنية

   المسح وتحويل الصفحة إلى صورة مع استخدام نظام التعرف على الأحرف وإدخال الوثيقة أو الكتاب من جديد عن طريق لوحة المفاتيح أو إدخال الوثيقة وفق معايير النصوص الفائقة، ومن الواضح أن الطريقة الأولى هي الأنسب بالنسبة لمراكز الوثائق، فهي تحافظ على شكل الوثائق كما هو في شكلها الورقي مع الأختام والأرقام، والملاحظات المكتوبة على هوامش الوثيقة، وهي الطريقة الأرخص بالمقارنة مع الطرق الثلاث الأخرى. غير أن عملية المسح يجب أن تترافق مع فهرسة دقيقة للوثيقة وتحديد مواصفات وكلمات مفتاحية بهدف استرجاعها بصورة ملائمة موضوعياً، أما الإجراءات الداخلة في عملية الأرشفة فهي كالتالي:
ـ الحصول على الوثيقة بشكلها القابل للأرشفة ثم مسحها إلكترونياً.
ـ فهرسة الوثيقة.
ـ ضغط المعلومات أي حفظ الصورة بحيث لا تأخذ حيزاً كبيراً من القرص المخزن أو غيره.
ـ إمكانية الاسترجاع الآلي للوثيقة.
ـ التوزيع عبر الشبكات الحاسوبية المختلفة.

أما أنواع حامل المعلومات الرقمية فهي :

ـ وسائط مغناطيسية.
ـ الأقراص المغناطيسية الصلبة.
ـ الأشرطة المغناطيسية الرقمية.
ـ أبراج الأقراص الضوئية:

 وهي نظم تحفظ فيها عدة أقراص ضوئية وإذا كانت سعة هذه الأقراص كبيرة فيمكن أن يصل حجم تخزين البرج إلى 100 ـ 200 تيرابايت أي ما يتسع لتخزين 4 ـ 8 مليار صفحة على شكل صورة، ولكن سلبية هذه الأبراج أن زمن الانتقال من قرص إلى قرص، كبير نسبياً ويتراوح بين 8 ثوانٍ و30 ثانية.

ـ التجهيزات:
 تختلف تجهيزات نظام و ضع الأرشيف باختلاف حجم الوثائق والغرض المطلوب منه، ويمكن إيجاز مواصفات هذه التجهيزات فيما يلي:
نظام استثمار أرشيف موضوع  حول حاسوب وحيد يمكن أن يتألف من حاسوب شخصي مزود بقارئ CD-ROM مع مجموعة من الأقراص الليزرية التي تحتوي صور الأرشيف الجاهز، وتكون كلفة مثل هذا النظام محدودة.

نظام إدخال واسترجاع مزود بوسائل إدخال الوثائق النصية (الماسحات الضوئية) ووسائل استرجاعها (محطات عمل حاسوبية) وهذه الوسائل والمحيطيات مربوطة على شبكة محلية بحيث يتضمن النظام عدة محطات إدخال وعدة محطات استعراض.

3ـ ما هو أرشيف الإنترنيت:

      تتجه كثير من المؤسسات في عصرنا إلى التوسع في استخدام الإنترنيت ونشر معلوماتها الأساسية عليها، غير أن بعض المؤسسات بدأت أيضاً باستخدام الإنترنيت كوسيط للتخاطب مع الموظفين ومع فروع المؤسسة ومع الزبائن والمصارف والشركاء والموزعين والمزودين والمعلنين، مما يجعل معظم نشاط المؤسسة الفعلي موجوداً بالفعل على الإنترنيت، وقد ساعدت البرمجيات المكتبية الحديثة على تحويل عمل الموظف في المكتب إلى جزء من مخزون الإنترنيت، ولا يقتصر ذلك على الشركات الخاصة، فطريقة العمل هذه بدأت تدخل المؤسسات الرسمية من أوسع الأبواب، ولا يستثني من ذلك بعض أهم الوزارات وأكثرها خوفاً على أسرارها مثل وزارة الدفاع الأمريكية.

   ويشهد استخدام الإنترنيت في البلدان العربية تطورات كبيرة وعلى دورالأرشيف العربية مواكبة ذلك، و كأي عمل بشري فإن استخدام التقنيات الحديثة في مجال الأرشيف تواجهه بعض المخاوف معظمها يتعلق بأمن الوثيقة الإلكترونية، فمن المعروف أن صورة الوثيقة الورقية المحفوظة إلكترونياً، يمكن أن تتعرض للتخريب أو التزوير المتعمد، كما يمكن أن تتعرض للتدمير غير المتعمد، عندما تتقادم النظم والأجهزة، ويضطر الفنيون إلى نقلها إلى نظم جديدة، أو عند حدوث أخطاء في النظام تستدعي إعادة تحميله، أو عندما يتعرض النظام الحاسوبي لهجوم من فيروسات جديدة غير معروفة.

   ولكن تراكم الخبرات، وتقدم وسائل الحماية التكنولوجية، سمحت بتخفيض مستوى المخاطرة الناتجة عن استخدام النظم الحاسوبية في حفظ الوثائق، وأصبحت نسبة المخاطر التي تتعرض لها الوثائق المحفوظة بالنظم الحاسوبية لاتتعدى مستوى المخاطر التي تتعرض لها الوثائق الورقية و تتيح التقنيات الحديثة الزيادة في عمر الوثائق الافتراضي. لكن   هل ثمة بديل لنظام الوثائق الإلكترونية؟.

      قد يكون الخيار متاحاً بين الاعتماد على نظام حفظ ورقي أو الحفظ باستخدام الميكروفيلم أو نظام الأرشيف الرقمي، وذلك إذا كان موضوع الأرشيف هو الوثائق الورقية فقط، أما عندما نتحدث عن الوثائق الإلكترونية، أي الوثائق التي تنتجها النظم الحاسوبية، وتؤدي عملها ضمن بيئة إلكترونية بحتة، فليس ثمة خيار سوى نظام الوثائق الإلكترونية. ولذلك نستطيع أن نقول: إن أرشيف القرن الحادي والعشرين هو أرشيف إلكتروني أساساً، ولن يكون ثمة خيار في استخدام النظم التقليدية (ورق + ميكروفيلم) أو استخدام النظم الإلكترونية، فالخيار الوحيد للتعامل مع الوثيقة الإلكترونية ومعالجتها وحفظها واسترجاعها، هو اعتماد نظام الوثائق الإلكترونية. بل أصبحت الوثيقة الإلكترونية هي الأصل والنسخة الورقية مجرد صورة للأصل، حتى إن بعض الوثائق الإلكترونية لا يمكن نقل بنيتها عند نسخها على الورق.

     وعموماً فإننا نجد في الوقت الحاضر نوعين من الوثائق والمصادر المنشورة إلكترونياً:

أ. الوثائق والمعلومات المتوفرة بشكل إلكتروني، ولا يوجد لها بديل تقليدي ورقي.
 ب. الوثائق والمعلومات المتوفرة بشكل إلكتروني، والتي يتوفر لها أيضاً بديل تقليدي ورقي، أو مصادر ورقية مكملة.

1.    قضايا التوثيق في الأرشيف الإلكتروني.

      تعددت المعايير المتبعة في توثيق هذه المصادر فالبعض منها متخصص بالعلوم الإنسانية و البعض الآخر بالعلوم الطبيعية و التطبيقية، و سنتبع أسلوبAPA.
American Psychological Association (APA Style) ISO 690-

و نتساءل: لماذا نوثق ؟
1. تحديد الملكية الفكرية و إعطاء المؤلف حقه.
2. إرشاد القارئ إلى النص الكامل للمادة التي تم الاعتماد عليها.
3. تأكيد دقة و صحة المعلومات، حيث تعتبر معايير المنظمة الدولية للمقاييس الايزو ISO الأكثر شمولية، وتعتمد من قبل معظم معايير التوثيق الدولية و تقترح الايزو (ISO 690-2) العناصر التالية للتوثيق الإلكتروني.


1.الشكل العام للتوثيق الببليوغرافي كما يلي:

- لقب أو كنية المؤلف، الاسم الأول أو اختصاره
- تاريخ الوثيقة إذا كان مختلفاً عن تاريخ الدخول إلى الموقع.
- عنوان الوثيقة.
- عنوان العمل كاملاً بأحرف مائلة الإصدار أو رقم الملف (الطبعة أو المراجعة).
- العنوان، مسار إلى الوثيقة في الموقع.
- الدخول إلى الموقع و تاريخ الزيارة.

2ـ توثيق صفحة ويب Web Page .الشكل العام لتوثيق صفحة ويب هو كما يلي:

• لقب أو كنية المؤلف، الاسم الأول أو اختصاره.
• (تاريخ نشر الوثيقة).
• العنوان الكامل للوثيقة.
•عنوان الموقع بأحرف مائلة، (أي إصدار أو رقم ملف).
• البروتوكول و عنوان الموقع متضمناً المسار أو الأدلة للدخول إلى الموقع.

• تاريخ الزيارة.

مثال:
محمد، حسان. (1999). واقع و آفاق البحث العلمي.<2اكتوبر2002>
http://mafhoum.com/syr/articles/richeh/richeh.htm.

3. المطبوعات الإلكترونية.

أولاً: المقالات: تشمل مقالة من دورية أو صحيفة سواءً من قاعدة بيانات توفر النص الكامل أو لدورية متوافرة إلكترونياً من خلال الشبكة.
الشكل العام للتوثيق هو:

• لقب أو كنية المؤلف، الاسم الأول أو اختصاره.
• (تاريخ النشر).
• عنوان المقالة.
• عنوان العمل كاملاً بأحرف مائلة، المجلد (العدد)، عدد الصفحات.
• تاريخ الاسترجاع.
• مصدر الاسترجاع.
• اسم القاعدة.
• عنوان الموقع.

مثال: عبد الكريم بجاجة. اقتراح برنامج  تكويـن الأرشيفـيين لإدارة الأرشيف الجاري والوسيط  .- cybrarians journal .- ع 5 .يونيو 2005 .< تاريخ الاطلاع   اكتب هنا تاريخ اطلاعك على المقالة > .- متاح في:
http://www.cybrarians.info/journal/no5/archivst.htm


4.كتاب، تقرير، وثيقة، فصل من كتاب، مقالة من موسوعة.

 الشكل العام للتوثيق هو:

• لقب أو كنية المؤلف، الاسم الأول أو اختصاره.
• (تاريخ النشر).
• عنوان العمل كاملاً بأحرف مائلة، (الطبعة) إذا كانت متوافرة.
• تاريخ الاسترجاع.
• عنوان الموقع.


 خلاصة.

يمثل إذن الأرشيف أداة الحفاظ على التراث و استرجاعه للاستفادة منه في الحاضر، إلا انه يواجه تحديات التطورات التقنية، لهذا يجب تحديث عرض الوثائق واسترجاعها، لتحسين شروط البحث الذي ينبني على المعرفة الموضوعية القائمة على الوثائق، و نتساءل عن حجم الوثائق التي تسلمتها دور الأرشيف والخزانة الوطنية في فترة الاستقلال، ثم التفكير الجدي في ملاءمة هذا الأرشيف مع التطورات التي يعرفها البحث العلمي القائم على المعلومات. ثم لايجب أن نغفل ضرورة تطوير العلاقة بين المؤرخين وأشكال وثائق الأرشيف الحديث لاسيما الأرشيف الإلكتروني، كما يلزم المؤسسات الأرشيفية مواجهة تحديات مجتمع المعلومات وأن تبلور قدرتها على تقديم خدماتها و إلا فستضطر إلى إغلاق أبوابها، وإذا لم نفعل ذلك من الآن نكون كمن يجلس مفكراً فوق سكة الحديد مطمئناً إلى أن القطار ما يزال بعيداً.

[i]  - إبراهيم عيسى، تكنولوجيا المعلومات و الانترنيت، تاريخ الاطلاع> 01/1/2007< متاح في:
www.arabcin.net/modules php ?= name = content                                                          
[ii] - إعداد الدكتور: عامر إبراهيم قنديلجي:النشر الإلكتروني للوثائق، تاريخ الاطلاع> 01/1/2007< متاح في:
www.arabcin.net/modules php ?= name = content                                                          
[iii] - عنوان السكرتارية في فرنسا :
Secrétariat : Conseil international des Archives60 rue des Francs-Bourgeois75003 PARIS, France Tel  : 33 (0)1 40 27 63 06Fax : 33 (0)1 42 72 20 65
http ://www.ica.org
[iv] - الموقع الإلكتروني للفرع و هو www.arbica.com و له عنوان آخر www.arbica.net  غير مشغلان بتاريخ 2 يناير 2007
[v] -  دعد الحكيم،الفرع الإقليمي العربي للأرشيف الدولي، انظر.
www.arabcin.net/modules php ?= name = content                                                          
[vi] - بشار عباس ، أرشيف الألفية الثالثة والتوجه نحو النظم الرقمية. تاريخ الاطلاع> 01/1/2007< متاح في:
www.arabcin.net/modules php ?= name = content                                                           
[vii] - بشار عباس ، أرشيف الألفية الثالثة والتوجه نحو النظم الرقمية. تاريخ الاطلاع> 01/1/2007< متاح في:
www.arabcin.net/modules php ?= name = content         

الأربعاء، 21 فبراير 2018

التراث العربي: هوية الماضي وزاد المستقبل (1/2) / محمود زكى



تمهيد في تعريف التراث والمخطوط والتحقيق
أصل كلمة (التراث) في اللُّغة من مادة (ورث)، التي تدور معانيها حولَ حصول المتأخِّر على نصيب مادي أو معنوي ممَّن سبقه، فالتراث: الميراث - والتاء فيها منقلَبِة عن واو؛ كالتُّخَمة والوُخَمة -: وهو كلُّ ما يُخلِّفه الرجل لورثته.

والتراث بمعناه العام: ما خلَّفه لنا أسلافُنا من عقائدَ وعلوم ومعارف، وثقافاتٍ وعادات وتقاليد، وتجاربَ وخِبرات، وآثارٍ وفنون... إلخ، لكن ما يَعنينا في هذا المقام هو التراث الفكرى، المتمثِّل في الآثار المكتوبة التي حَفِظها التاريخُ كاملةً أو مبتورة، فوصلتْ إلينا بأشخاصها، وهذا التراثُ ليس له حدود تاريخيَّة معيَّنة، فكلُّ ما خلَّفه مؤلِّفٌ من إنتاج فكرى بعد حياته يُعدُّ تراثًا فكريًّا، وعليه فهو: كلُّ ما وصل إلينا مكتوبًا في أيِّ فرع من فروع العلوم والمعارف[1].

"ويتناول التراثُ العربيُّ كلَّ ما كُتب باللُّغة العربية، وانتزَع من رُوحها وتيَّارها قَدرًا، بصرف النَّظر عن جِنس كاتبه، أو دِينه، أو مذهبه؛ فإنَّ الإسلام قد جَبَّ هذا التقسيم وقَطَعه في جميع الشعوب القديمة التي فتَحَها، وأشاع الإسلامُ لُغةَ الدِّين فيها، وهي اللُّغة العربية التي لوَّنت تلك الشعوب بلون فكريٍّ واحد متعدِّد الأطياف، هو الفِكر الإسلامي، وهو الفِكر العربي"[2].

أمَّا (المخطوط)، فهو في اللُّغة: "كلُّ ما كُتب بخطِّ اليد، سواء كان كتابًا أو وثيقة، أو نقشًا على حجر، ولكنَّه في الاصطلاح يقتصر على الكتاب المخطوط بخطِّ اليد... وهو يُقابِل الكتاب المطبوع"[3]، وتُعرَّف علوم المخطوط الإسلامي بأنَّها: "العلوم التي تَدْرُسُ ما يتعلَّقُ بالكتاب الإسلامي المخطوط، مادةً ومضمونًا، حِفظًا وإتاحةً وتاريخًا"[4].

وأمَّا (التحقيق)، فهو في اللُّغة: التأكُّد من صِحَّه الخبر وصِدقه، و"حقَّقْتُ الأمر، وأَحْقَقْتُهُ: كنتُ على يقين منه"[5]، وهو يدور حولَ معاني الإثبات والتصديق، والإحكام والتصحيح، وفي الاصطلاح القديم: "التحقيق إثبات المسألةِ بدليلها"[6]، أمَّا في الاصطلاح المعاصِر، فهو قراءة النَّص "على الوجه الذي أرادَه عليه مؤلِّفُهُ، أو على وجهٍ يَقْرُبُ مِن أصله الذي كتبَه عليه مؤلِّفُه"؛[7] تمهيدًا لنشْره وطباعتِه، أو هو العِلم الذي "يُعْنَى بإظهار الكتب المخطوطة مطبوعةً مضبوطة، خالية نصوصُها من التصحيف والتحريف، في حُلَّة قشيبة، تُيسِّر سُبُلَ الانتفاع بها، وذلك على الصورة التي أرادها مؤلِّفوها، أو أقرب ما تكون إلى ذلك"[8].
كان الكتابُ قبلَ ظهور الطباعة يُكتَب بخطِّ اليد على الورق، أو الرِّق، أو البردي، وتُجْمَع على هيئة كرَّاسات، ويُعَدُّ المخطوط وعاءً أمينًا حَفِظَ تراثَ ومعارفَ حضارة الإسلام العظيمة، وسِجلاًّ ناصعًا لتجاربِها ومُنْجَزاتها، وكتابًا صادقَ التعبير عن سموِّ عقائِدها وشرائِعها، ورفعة أخلاقِها.

"وقدِ احتشدتِ الأمَّة لتسجيل علومها ومعارفها في جِهادٍ دائب، لم تشهدْه أمَّةٌ من الأمم، ولم تعرفْه ثقافةٌ من الثقافات، ولم يقفْ هذا الجهاد عندَ مصرٍ من الأمصار، أو يَكْتفِ بقُطر من الأقطار، بل امتدَّ إلى كلِّ بلد طالتْه يدُ الإسلام.

ولم يكدْ ينتصف القرنُ الثاني الهجريُّ حتى اندفعَ العلماء في التصنيف والجَمْع، وأخذ صريرُ أقلام النُّساخ يُسمَع في كلِّ مكان، وكأنَّه صوتُ الآلات في المطابع، وعمرت حلقاتُ الدَّرْس بالطلاَّب، وزخرت المكتبات العامَّة والخاصة بالتآليف في شتَّى فروع العلوم والثقافة.

وتمضي الأيَّام وتتسع رُقعةُ الدولة الإسلامية، ويَغْزُر التأليف والتصنيف، وتملأَ المخطوطاتُ العربية مكتباتِ الدنيا شرقًا وغربًا، حتى تظهرَ المطبعة في القرن الخامس عشر الميلادي، على يد جوتنبرج الألماني (1468 م)، وكأنَّما كان هذا الاختراع العجيب - اختراع الطباعة - مِن أَجْلِ فِكْرنا وتُراثنا - نحن العربَ - دون غيرنا من الأمم، فقدْ دارتِ المطابع هنا وهناك؛ لإخراج عِلْمِنا من مخطوطات محدودة إلى أسفار مطبوعة..."[9].

وهذا التراث الفِكري يتضمَّن: العلوم الإنسانيَّة والعلوم التطبيقيَّة، والعلوم الإنسانية تضُمُّ العلوم الشرعيَّة (الدينية)، والعلوم اللُّغوية، وغيرها كالتاريخ والاجتماع... إلخ، وظاهرٌ أهميَّة النقل والتدوين؛ أي: أهميَّة المخطوطات، بالنسبة للعلوم الشرعيَّة، فالقرآن الكريم حُفِظ في الكواغد، كما حُفِظ في الصُّدور، ونُقل إلينا بالتواتُرِ، والسُّنَّة النبويَّة المشرَّفة حُفظت ودوِّنت في الكتب، كما تناقلتْها أفواه الرواة، وأمَّا سائر العلوم الشرعية المنبنية على الكتاب والسُّنة والمفسِّرة لهما، فهي مؤلَّفَاتٌ إبداعيَّة، كسائر إبداعات العرب في العلوم الإنسانيَّة، لا غنى للأمَّة عن أكثرها، بل لا غِنى للبشرية عن كثير منها.

ولا صلاحَ لهذه الأمَّة إلاَّ بالعَوْدة إلى المَعِين الصافي، إلى الإسلام الصحيح المعتدل، ورَحِم الله إمامَ دار الهجرة مالك بن أنس القائل: "لا صلاح لهذه الأمَّة إلاَّ بما صَلُحَ به أوَّلُها"، وهذه الدعوة للعودة للتراث ليستْ دعوةً للتخلُّف أو الرجعيَّة، وإنَّما دعوة للتمسُّك بمنابع الصلاح الأُولى التي سادتْ بها الأمَّةُ الدنيا، والمحافظة على العادات والأخلاق القويمة، ودعوةٌ للتخلُّص من الخُرافات والخزعبلات، والاعتصام بالعِلم والثقافة، وبمنهجية التفكير العربيِّ السليم.


فنون التأليف العربي
"يكفي أن تُقلِّبَ طرفَك في أثناء كتاب "كشف الظنون عن أسامي العلوم والفنون"؛ لحاجي خليفة، لتقرأ أسماءَ نحو مائتي عِلْم أو فن؛ كعِلم آداب البحث والمناظرة، والآلات الحربيَّة، والآلات الرَّصديَّة، وعلم انبساط المياه، وعِلم الأوزان والمقادير، والبيزرة، والبيطرة، وتدبير المدينة، وتدبير المنزل، وتركيب المداد، والجبر والمقابلة، والجِراحة، والجغرافيا، والجهاد، والحكمة، والرمي، والرياضة، والسياسة، والسيمياء، والشروط والسجلات، والصيدلة، والطبخ، والفتاوى، وقوانين الكتابة، والكحالة، والكيمياء، ومراكز الأثقال، والمرايا المحرقة، والمساحة، والمعادن، والمعمى، والملاحة، والنبات، والهندسة، والهيئة... إلى كثير جدًّا ممَّا أغفلتُ ذِكْرَه، هذه بعض أسماء علومهم، وهي قلٌّ من كثر - كما يقولون - وقد تكفَّل حاجي خليفة في كتابه بتوضيح مدلولاتها، وتقديم دراسات مُوجَزة عنها"[10].

نماذج ومفاخر
"إنَّ مؤرِّخي العلوم يعزون إلى أسلافِنا العرب ابتكاراتٍ في مجالات الهندسة والطِّب، والحساب والجبر، والمقابلة والبصريات؛ بل في مجال التشريع والاجتماع، وفلسفة التاريخ، والنقد الأدبي:
ففي الهندسة: نجد نُصَير الدِّين الطُّوسي (672) الذي كان أوَّلَ مَن جعل مِن حساب المثلَّثات عِلمًا خاصًّا منظَّمًا.
وفي الطب: نجد أبا بكر الرازي (321)، وهو أوَّلُ مَن استخدم فتيلةَ الجرح التي لا تزال مستخدمةً إلى الآن، وهو الذي ابتدع صُنعَ الخيوط الجراحية من مصارين الحيوان، وأوَّلُ مَن استخدم الرَّصاص الأبيض في المراهم.

وأبو علي الحسن بن سينا رئيس الأطباء، صاحب كتاب (القانون) الذي يُعدُّ أهمَّ مراجع الطب والعلاج، وهو الذي ذَكَر أنَّ السبيل الوحيد للشفاء من الأورام الخبيثة (السرطان) إنَّما هو الجراحة المبكِّرة في الأدوار الأولى للمرض، وأنَّ الاستئصال يجب أن يكون على نِطاق واسعٍ، وعُمْق كبير، مع العناية الشديدة بتعقيم المنطقة الباقية بعدَ الاستئصال.

كمَا يَذكُرون أنَّ ابن النفيس (698) كان أوَّلَ مَن اكتشف الدورة الجزئية للدم بين القلب والرئتين.

وللعرب مفخرةٌ عريضة في وضع عِلم الجبر والمقابلة، على يدِ العالم الكبير محمد بن موسى الخوارزمي (232)؛ فهو الذي ابتدعَه وسمَّاه، ووضع مصطلحاتِه، ولا يزال هذا الاسم العربيُّ مسيطرًا على جميع لغات العالَم.

وأمَّا علم البصريَّات، فنجد ابنَ الهيثم المصريَّ (432) يبتدع نظرياتِ الضَّوْء، ويضع في ذلك كتاب (المناظر) الذي يُعدُّ الدعامةَ الأولى في بناء هذا العِلم، وقد شَرَح فيه انكسارَ الضوء، وبيَّن كيف تتمُّ رؤية الأشياء، وهو سَبْقٌ علمي كبير.

ونجد كذلك سبقَ العرب في موسوعات الفقه الإسلامي كمبسوط السرخسي، ومدونة مالك، وكتب الفتاوى"[11].

"كما تُعدُّ (مقدمة ابن خلدون) لكتابه في التاريخ كنزًا من كنوز التفكير الاجتماعي، سيظلُّ أصلاً للفلسفة الاجتماعيَّة، وسيظلُّ مرجعًا للدارسين، مهما طالتِ الأزمان وكَرَّتْ الدهور"[12].

"ويُعدُّ معجم (مقاييس اللغة) للغويِّ العربيِّ الكبير ابن فارس مِن مفاخر التأليف العربي، بل يكاد يكون الفذَّ من نوعه من بين المؤلَّفات اللُّغويَّة، إن لم يك في المحيط اللغوي العالَمي، فنحن لم نعلمْ حتى الآن مؤلفًا لغويًّا آخر حاول أن يدرس موادَّ اللُّغة في ظِلِّ القياس المطَّرد في معظم تلك المواد، واستطاع أن يبتدعَ نظريةً لُغويَّة دقيقة تتمثَّل في إرجاع كلِّ مادة لغوية من موادِّ المعاجم إلى أصْل أو أصلين، أو عدة أصول معنويَّة، وقد يكون في المادة الواحدة مئاتٌ من الكلمات، مثل مادة (ربع)، وتُفسَّر كلُّ كلمة منها بتفسير خاص يخاله القارىء المطَّلِع أشتاتًا مختلفة، ولكن ابن فارس استطاعَ بحِذْقِه أن يَرُدَّها إلى ثلاثة أصول، وهي: الجزء من أربعة أشياء، والإقامة، والإشالة والرفع، على حين نجد ابنَ منظور في "لسان العرب" يتناول مفرداتِ هذه المادة ومشتقاتها في خمسَ عشرةَ صفحة كبيرة، يُخيَّل للباحث فيها أنَّ هناك مئاتٍ من الدلالات لمئات من الألفاظ"[13].

"ونستطيع أيضًا أن نَعُدَّ تراث أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في قمَّة التأليف في المعارف العامَّة، أو أن نقول: هو الذي فتَحَ الباب لِمَن جاء بعده من العرب وغيرهم، حتى أمكنَ المؤلفين في عصورنا الحديثة أن يُؤلِّفوا ما يُسمَّى بدائرة المعارف: Encyclopedia[14]



الإيمان بالتراث
تراثُ أيِّ أمَّة هو تاريخُها وكيانها، وأمَّة بلا ماضٍ أُمَّة بلا حاضر، وبلا مستقبل، والحِفاظُ على التراث وعلى التاريخ هو الحِفاظ على الكيان والهُويَّة، على الخُصوصيَّة التي منحتْنا وجودَنا بوصْفِنا أمَّة، هو الحفاظ على السبيل الذي يضمن استمرارَنا ونهضتَنا مِن غفوتنا.

"وكما أنَّ الوطن هو المهد الأوَّل - بعد التوحيد - للإنسان، يحنُّ إليه كلَّما بَعُدَ به المطافُ في بلاد الله، ويَشعُر في قرارة نفسِه بحبِّه وتفديته، ويَدين له أبدًا بالإعزاز مهما أغرتْه المغريات، وباعدتْ بينه وبين أرضِه ضروراتُ العَيْش، كذلك يُعدُّ التراث الفكريُّ هو المهدَ الأوَّل لتفكيره ولنفسه، وأيُّ انفكاك بين المرْءِ ودِينه أو وطنه، أو بين المرء وتُراثه - يخلق منه امرأً تتجاذبه أطرافُ الضياع، وفقدان النفس، وضياعُ النفس مدعاةٌ إلى التفكُّك والتخلخل، والشُّعورِ بالبؤس والمذلة اللَّتَيْن لا تطيب معهما الحياة"[15].


كيف تنهض الأمم؟
مِن المعلوم والثابت أنَّ نهضاتِ الأمم إنَّما تقوم على أساسين:
الأول: النظر فيما سَلَف لها مِن تراث، وإحياؤه.
والثاني: الإفادة من منابِعِ الفِكْر الخارجي، واستصفاء ما يتناسب مع فِكْرِها وتاريخها"[16].

ويصف الدكتور محمود الطناحي - رحمه الله - جيلَ البعث والإحياء، فيقول: "هذا الجيلُ الذي قام بعبءٍ ضَخْم، واحتمل عناءً باهظًا، وسَلَك ضروبًا مُضنية، حيث تصدَّى رجالُه لهذا التراث المخطوط، فاستنقذوه من عوادي الناس والأيَّام، ثم أحسنوا قرائتَه، وعاشوا في عصور تأليفه وتمثَّلوه، ثم تحمَّلوا أمانةَ أدائه وإضائته وفهرسته، فقدَّموا بذلك مادَّة مُحَرَّرَة، قامتْ عليها دراساتُ الدارسين، فلا دِراسةَ صحيحة مع غياب النَّص الصحيح المُحَرَّر، وكم رأيْنا مِن دراسات انتهتْ إلى نتائجَ غير صحيحة؛ لأنَّها اتكأتْ على نصوص مُحَرَّفة ومُزالة عن جِهتها..."[17].

ثم يقول: "وقد فَطِنَ لهذا المستشرِقون الذين اتَّجهوا إلى دراسةِ فِكْرنا وأدبنا، فهُم لم يتَّجهوا إلى تلك الدِّراسات إلاَّ بعد أن أعدُّوا مادَّتها، وهي النُّصوص، وقد بَذَلوا في ذلك جُهودًا مُضنيَة"[18].



ــــــــــــــــــــ
[1] انظر: "التراث العربي"؛ لعبدالسلام هارون، (ص: 3 – 5)، و"مناهج تحقيق التراث"؛ د. رمضان عبدالتواب، (ص: 8).
[2] "التراث العربي" (ص: 7).
[3] "نحو علم مخطوطات عربي"؛ د. عبد الستار الحلوجي، (ص: 9)، وانظر: مقال "ما المخطوط؟ " د. أحمد شوقي بنبين.
[4] "نحو علم مخطوطات عربي"؛ للحلوجي: عرض ومناقشة، محمود محمد زكي، (ص: 134).
[5] "لسان العرب"؛ لابن منظور، (حقق) (11/333).
[6] "التعريفات"؛ لعلي بن محمد الجرجاني، (ص: 75).
[7] "مناهج تحقيق التراث"؛ للدكتور رمضان عبد التواب، (ص: 5).
[8] "تحقيق نصوص التراث"؛ للغرياني، (ص: 7)، نقلاً عن: "قواعد تحقيق المخطوطات"؛ إياد خالد الطباع، (ص: 403)، وانظر: "محاضرات في تحقيق النصوص"؛ د. أحمد محمد الخراط، (ص: 9)، و"منهج البحث وتحقيق النصوص"؛ د.يحيى وهيب الجبّوري، (ص: 127).
[9] "دار العلوم ومكانها في البعث والإحياء"؛ د.محمود محمد الطناحي، ضمن (اللغة والأدب.. دراسات وبحوث)، دار الغرب الإسلامي: 2/825.
[10] باختصار عن: "التراث العربي" (ص: 10 – 11).
[11] السابق بتصرف، (ص: 12 – 13".
[12] السابق: (ص: 9).
[13] السابق (ص: 8 – 9) بتصرف، ومقال: "من التراث اللغوي.. معجم مقاييس اللغة"، ضمن (قطوف أدبية) لعبدالسلام هارون، (ص: 201).
[14] السابق (ص: 9 – 10) بتصرف.
[15] "التراث العربي" (ص: 14) بتصرف وزيادة.
[16] "دار العلوم ومكانها في البعث والإحياء"؛ (ص: 825).
[17] السابق نفسه.
[18] السابق (ص: 826).